محادثات موسكو واشنطن: تقدم محدود في مسار السلام الأوكراني
في خطوة تعكس تعقيدات الوضع الدولي الراهن، شهدت العاصمة الروسية موسكو محادثات مكثفة استمرت خمس ساعات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف حول خطة سلام لأوكرانيا، دون تحقيق تقدم حاسم في هذا الملف الشائك.
موقف أمريكي متفائل حذر
أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن تفاؤل محدود، مؤكداً في مقابلة على قناة فوكس نيوز أنه تم إحراز "بعض التقدم" في المحادثات مع روسيا لإنهاء حربها مع أوكرانيا. وأوضح روبيو أن الهدف يتمثل في "معرفة ما يمكن أن يتعايش معه الأوكرانيون وما يمنحهم ضمانات أمنية للمستقبل".
وأضاف الوزير الأمريكي أن الولايات المتحدة تسعى لتسوية تسمح لأوكرانيا "ليس فقط بإعادة بناء اقتصادها، بل بالازدهار كدولة"، في إشارة إلى رؤية طويلة المدى للحل.
الموقف الروسي: بناء لكن بلا توافق
من جانبه، وصف كبير المساعدين في الكرملين يوري أوشاكوف المحادثات بأنها "بناءة"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه "لم نتوصل إلى صيغة توافقية بعد". وأشار أوشاكوف إلى أن "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به".
وكشف المسؤول الروسي أن بوتين تفاعل سلباً مع بعض المقترحات الأمريكية، مشيراً إلى أن روسيا تسلمت أربع وثائق إضافية، بالإضافة إلى مسودة الخطة الأخيرة التي وُضعت بعد اجتماع بين الوفدين الأوكراني والأمريكي في فلوريدا.
تحديات الخطة الأمريكية
واجهت الخطة الأمريكية الأولية انتقادات واسعة لكونها تقدم تنازلات كثيرة لموسكو، مما دفع واشنطن لإجراء تعديلات بعد مشاورات مع كييف وحلفائها الأوروبيين. وتشمل القضايا الأساسية الخلافية الأراضي المتنازع عليها والأصول الروسية المجمدة والضمانات الأمنية.
ويطالب بوتين كييف بتسليم أراضٍ تدعي موسكو ملكيتها لها، كما يرفض الكرملين أي قوة أوروبية في أوكرانيا لمراقبة الهدنة، مما يعقد مسار التفاوض.
الموقف الأوكراني الثابت
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن أي خطة يجب أن تُنهي الحرب نهائياً، لا أن تؤدي فقط إلى وقف القتال. وشدد في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي على أنه "لن تكون هناك حلول بسيطة"، مؤكداً ضرورة أن يكون كل شيء "عادلاً وشفافاً" وألا تُتخذ قرارات "بدون أوكرانيا بشأن مستقبلها".
استمرار القتال على الأرض
رغم المحادثات الدبلوماسية، استمر القتال على خطوط المواجهة، حيث تشتبك القوات الأوكرانية مع القوات الروسية في مدينة بوكروفسك الشرقية الاستراتيجية. ونفى الجيش الأوكراني ادعاءات موسكو بالسيطرة على المدينة، مؤكداً أن قواته لا تزال تسيطر على الجزء الشمالي منها.
تطلعات للمستقبل
تعكس هذه المحادثات الرغبة الدولية في إيجاد حل سلمي للصراع الذي بدأ في فبراير 2022، والذي أسفر عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من الجنود وأكثر من 14 ألف مدني وفقاً للأمم المتحدة. كما تشير إلى إمكانيات التعاون الاقتصادي بين القوى الكبرى رغم الخلافات السياسية.
وبينما لا توجد خطط لعقد اجتماع مباشر بين بوتين وترامب في الوقت الراهن، تشير التطورات إلى استمرار الجهود الدبلوماسية لإيجاد مخرج من هذا الصراع المعقد.