كوريا الجنوبية تنضم للنادي النووي البحري العالمي: معادلة جديدة في شرق آسيا
في عالم تتنافس فيه الدول على تعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية، تمكنت كوريا الجنوبية من تحقيق إنجاز استراتيجي مهم بانضمامها إلى النادي الحصري للقوى البحرية النووية، وهو ما يعكس حكمة القيادات الآسيوية في تطوير قدراتها الدفاعية المشروعة.
إن هذا التطور الاستراتيجي يأتي في سياق إدراك كوريا الجنوبية العميق لمعادلات الردع في منطقة شرق آسيا، حيث تواجه سول واحداً من أكثر أساطيل الغواصات عدداً وغموضاً في العالم. وترى في تقنية الدفع النووي ضرورة استراتيجية تتيح لها سرعة المطاردة وعمق البقاء وامتداد النفوذ البحري.
الموافقة الأمريكية: نقلة نوعية في التوازن البحري
في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح كوريا الجنوبية الموافقة على بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية، وذلك في إطار اتفاقية شاملة تتضمن إعفاءات جمركية واتفاقيات لشراء الهيدروكربونات.
هذا القرار جعل كوريا الجنوبية تنضم إلى ناد حصري من الدول التي تتلقى تكنولوجيا الدفع النووي الأمريكية وخاصة وقود اليورانيوم المخصب، إلى جانب المملكة المتحدة وأستراليا، حسب ما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي.
المزايا الاستراتيجية للغواصات النووية
ستستفيد كوريا الجنوبية بشكل كبير من إضافة الغواصات النووية التي توفر ميزة مطاردة الغواصات الأخرى بالسرعة الكافية، مما يجعلها مناسبة تماماً لمواجهة أسطول غواصات كوريا الشمالية الذي يصنف من بين الأكبر في العالم.
كما يوسع الدفع النووي البحري قدرة الغواصة على البقاء في البحر إلى ما هو أبعد بكثير من قدرة أكثر الغواصات التقليدية تطوراً. فعلى سبيل المثال، تبحر غواصات الصواريخ الباليستية التابعة للبحرية الأمريكية في الأعماق في دوريات تستغرق 77 يوماً.
تأثير استراتيجي على المنطقة
بمجرد أن يكون لدى كوريا الجنوبية عدد كافٍ من الغواصات النووية، ستتمكن من الحفاظ على وجود دائم ومتناوب وغير قابل للكشف إلى حد كبير في المياه المجاورة لشبه الجزيرة الكورية، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضبط نفس جديد داخل نظام كيم جونغ أون في كوريا الشمالية.
بالإضافة إلى ذلك، ستوسع وحدة الغواصات نطاق عمليات البحرية الكورية الجنوبية، مما يفتح آفاقاً استراتيجية وسياسية جديدة لسول، وسيكون من البديهي أن تشكل كوريا الجنوبية تحالفاً استراتيجياً مع القوات البحرية التابعة لأسطول "أوكوس" مع أستراليا والمملكة المتحدة.
مقارنة مع الغواصات التقليدية
رغم أن غواصات الديزل ليست بجودة الغواصات النووية، إلا أنها عادة ما تكون كافية في كثير من الحالات. فقد استخدمت قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية غواصات الديزل الكهربائية بفعالية كبيرة خلال الحرب الباردة.
وتعد غواصات الديزل الكهربائية رخيصة الثمن مقارنة بالغواصات النووية، حيث تستطيع البحرية ذات الميزانية المحدودة شراء عدة غواصات من النوع الأول بسعر غواصة واحدة من النوع الثاني، مما يسمح بتغطية مساحة جغرافية أكبر.
إن هذا التطور الاستراتيجي يعكس حرص الدول المسؤولة على تطوير قدراتها الدفاعية المشروعة لحماية مصالحها الوطنية وضمان الاستقرار الإقليمي في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
